عند حوالي السنة والنصف يُصاب الأطفالُ أحيانًا بما يُطلق عليه نوباتُ الغضب أو نوباتُ البكاء، وهي حالةُ بكاءٍ شديدةٌ تُصيب الطفلَ، وقد يَصحبها رَكلٌ أو أنْ يُلقي الطفلُ بنفسه على الأرض... وبقدْر ما تُمثله نوباتُ البكاء من تحدٍّ للأهل، بقدر ما هو مُهم أن يتمَّ التعاملُ معها بالشكلِ الصحيحِ فور حدوثها؛ لأن ذلك سيُسهل تقليلَ حُدوثها مع الوقت، ولأن التعاملَ معها يَرسم بشكلٍ كبيرٍ شكلَ العلاقة بين الأهل والطفل.
الخبرُ الجيد هو أنَّ نوباتِ البكاء تُعد طبيعةَ مرحلةٍ، بل إنها تُعد دليلًا على نموِّ الطفل بشكلٍ سليم... وبالطبع، فإنه يُنصح بمُحاولة تفادي نوبات الغضب قبل حُدوثها، وإن كان يَصعُب تفاديها بشكلٍ كاملٍ... ويكون تفاديها عن طريق ملاحظة الطفل عن قُربٍ، والتأكُّد من تلبيةِ احتياجاته من نومٍ وطعامٍ في مواعيدَ منتظمةٍ، وإعطائه اهتمامًا بصورة إيجابية، وإفساح المجال له؛ كي يعتمدَ على نفسه في بعض الأمور، وأخيرًا، محاولة التدخل عند ظهور بوادر نوبة الغضب.
وإليك بعضَ النصائح للتعامل مع نوبات الغضب عند حُدوثها:
1) لا تَعتبرِ الأمرَ موجهًا لشخصك. عندما يُصاب طفلُك بنوبةِ بكاء؛ فإنه حقًّا يُعاني من كمٍّ من المشاعر الصعبةِ التي لا يَستطيع في سِنِّهِ الصغيرةِ أن يَتحملها أو أن يتعاملَ معها، ووسيلتُه الوحيدةُ التي يَمتلكها للتعبيرِ عن هذه المشاعر هي البكاءُ. فهو لا يَبكي أبدًا ليُغضبك أو ليُصَعِّبَ الأمور عليك.
2) تذكر أنَّ احتواءك لمشاعر طفلك في هذه السن الصغيرة يُشكل علاقتك به على المدى البعيد. فإذا اخترتَ مثلًا أن تضعَه في غُرفةٍ منفصلةٍ؛ حتى يَكفَّ عن البكاء؛ فمن الطبيعي أنه سيَختار أن يُغلقَ البابَ على نفسه عندما يُواجه مشكلةً ما في سِن المراهقة؛ فلقد تَعَلَّمَ أنك لا تكونُ مُتاحًا عندما يَحتاجك.
3) حافظْ على هدوئك. تذكرْ أنك أنت الشخصُ البالغُ هنا؛ فعليك أن تتحمل مسؤولية السيطرة على الوضع، فإذا انفعلت بدورك؛ فإن ذلك سيَزيد من احتدام الموقف، ولن يُساعد على التهدئة. يُمكنك أن تقول لنفسك عباراتٍ؛ مثل: "إنَّ طفلي الصغيرَ يمرُّ بأوقاتٍ صعبة. هو يَحتاج لمساعدتي الآن، لذا؛ عليَّ أن أحتفظَ بهدوئي... هذا وقتٌ مهمٌّ لأعلِّمَه كيف يَستعيد هدوءَه...".
4) تأكد من حماية طفلك. بعض الأطفال عند إصابتهم بنوبة الغضب يُلقون بأنفسهم على الأرض أو يَركلون بعنف، فيُمكنك أن تَحتضنه؛ كي تتأكدَ من أنه لن يُؤذي نفسَه أو غيره.
5) تكلم مع طفلك بصوت هادئ. إن هدوءك من شأنه أن يُهدِّئَ من رَوع طفلك، وأن يُؤكِّد له أن كل شيء سيكون على ما يُرام.
6) أقر مشاعر طفلك. يُمكنك أن تقولَ له: "يااه! إنك حقًّا غاضبٌ"، أو أن تسأله: "هل أنتَ غاضب لأنك تريد كذا...". سيَشعر طفلك بقدر كبير من الراحة عندما يَعلم أنك تتفهمُ سببَ غضبِه. أيضًا؛ فإنك هكذا تُعلمه الكلمات التي سيَحتاجها ليُعبِّر بعد ذلك عن مشاعرِه.
7) حاول أن تَحتضنَه.
8) حاول أن تُلهيه بشيءٍ آخر. فالأطفال في السن الصغيرةِ يَسهل إلهاؤهم بأن تَلفِتَ انتباهه مثلا لشيء يُحبه.
9) يُمكنك أن تتجاهلَه فقط إنْ رفض وجودَك بجانبه. بعض الأطفال يُفضلون أن تتركهم قليلًا حتى يهدؤوا، وتذكرْ أنَّ تَرْكك له في هذه الحالة ليس عقابًا، ولكنه فقط استجابة لرغبته، ولذا؛ فأنت على استعداد لأنْ تأخذَه في حضنك فورَ طلبِه لذلك.
10) يمكنك أن تدعوه لأن يهدأ. فمثلًا قل له: "لنمسح الدموع، ولْنُذهبِ البكاءَ بعيدًا". هكذا تُعلِّم طِفلَك أنه يَستطيع أن يُسيطر على مشاعرِه وأن باستطاعتِه أن يُذهب الغضبَ.
11) لا تُعاقب طفلك أبدا لإصابته بنوبة بكاء أو غضب. فالغضب شعورٌ لا يَملك دَفْعَه، وهو لم يَخْتَرْهُ قَطُّ، والحفاظُ على علاقةِ الثقة بينكما يَتنافى مع فكرة العقابِ، وخاصة في السن الصغيرة.
12) لا تَستسلم أبدًا لنوبةِ الغضبِ. حتى لا تُصبح نوباتُ الغضب عادةً؛ فمن المُهم ألا تجعلَها سببًا في إعطاء طِفلك ما يَطلبه، وإلا فإنه سوف يَتعلم أنَّ البكاءَ يأتي له بكلِّ ما يتمناه. إذا كان ما يُريده الطفلُ شيئًا مشروعًا بإمكانه أنْ يَحصلَ عليه؛ فأوضحْ له أن باستطاعته أنْ يحصلَ على ما يُريده بعد أن يَهدأ ويُذهب الدموعَ.
وأخيرا تأكد من أن تكون ثابتًا في تعاملك مع نوبات الغضب؛ لأن الأطفال يتعلمون بالتكرار، وأيضا لأنه من المهم جدا لطفلك أن يَتوقع ردودَ أفعالك؛ كي يشعر بالأمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق