الأطفال من ٦ - ٩ سنوات (الجزء الثاني)
اتكلمنا في المقال اللي فات عن أهم السمات الخاصة بالتربية الجنسية للأطفال من ٦ لـ ٩ سنوات، وحنتكلم في المقال ده عن بعض المشاكلات اللي ممكن تواجه الأهل وحلول مقترحة لكل مشكلة، ولكن قبل ما نبدأ كلامنا عن المشكلات والحلول، نحب إننا نؤكد على حاجه مهمة جدا، وهي إن اللي احنا عايزين نحققه من زيادة الوعي بالتربية الجنسية هو في الأساس جزء من التربية الكاملة، فلو عايز/عايزة أولادك يستفيدوا من كل اللي اتكلمنا عنه في المقالات اللي فاتت، وأن يكون له أثر في حياتهم، ولو عايز تحافظ على أولادك من مختلف المخاطر فتأكد من إنك تسعى لتربيتهم عشان يكونوا ناس أسوياء نفسيا، كل واحد منهم شايف نفسه إنسان صالح يستحق أنه يعيش حياة كريمة طيبة، وعنده قيم وأخلاق وقدرة على تقييم الأمور زي ما عنده المهارات اللي محتاجها عشان يبني علاقات صحية مع الآخرين، وعشان يدافع عن حقوقه وقت ما يحتاج. الوصول لده محتاج وعي من جانب الأهل ومحتاج إننا نكون بنعرف نسيب مساحة لأولادنا إنهم يغلطوا ويتعلموا من أخطائهم وهم متأكدون من حبنا غير المشروط ومن دعمنا المستمر ليهم.
أسئلة وإجابات:
- ابني عنده ٧ سنين بيحب زميلته (أو مدرسته) وعايز يكتب لها جواب ويجيب لها هدية. أعمل ايه؟
الحقيقة أنه مافيش مشكلة حد من ولادنا يحس بمشاعره كده… يعني أنا متفهمه إن ده ممكن يسبب بعض القلق والحيرة لإننا غالبا مش بنكون متوقعين ده من ولادنا وهم لسه صغيرين كده، واحتمال يكون القلق ناتج عن الخلفية المتحفظة لطبيعة معظم أسرنا، أو يكون القلق باتجاه رد فعل المحيطين سواء أهل البنت مثلا أو المدرسة، في كل الأحوال، ما فيش مشكلة فعلا، بالعكس، تعبير ابنك/ابنتك عن مشاعره معاك/معاكي بالأريحية دي يدل على علاقة جميلة محتاجين نحافظ عليها.
احنا عارفين إنه بالفعل ممكن يحصل إنه طفل مشاعره تتحرك في السن ده اتجاه طفلة أو العكس، أو ممكن تكون الفكرة خطرت على ذهنه كنوع من التقليد للكبار أو محاولة للعب الأدوار المتوقعة منه في المستقبل.
خلينا نتفق إن اللي احنا عايزينه هو إننا نعلم ولادنا وبناتنا عشان يبقوا أسوياء قادرين على إنشاء أسر على المودة والرحمة، وعندهم القدرة على إعطاء الحب واستقباله وقادرين كمان على استشعار قيمة الحب وأهميته في الترابط والدفء والأنس اللي بيديهم لحياتنا والرغبة في العطاء والتضحية عشان اللي بنحبهم. كما عايزين نؤكد لولادنا إن فيه مساحة من الأمان تسمح ليهم إنهم يشاركونا أفكارهم ومشاعرهم من غير خوف من انتقاد أو تصغير لشأنهم. كل الرسائل دي احنا بنسعى إننا نوصلها لهم من خلال حواراتنا في المواقف الحياتية المختلفة. حنتكلم معاهم كمان عن قيمة العفة بس الكلام ده إن شاء الله لما يكبروا شويه عشان يقدروا يستوعبوا الكلام. لو عرفت عن ابنك أو هو قالك إنه بيحب مُدرستهه أو زميلته في الفصل فتجنب تماما إنكار مشاعره أو التريقه عليه... اسمعه بجدية وبعدين وجه كلامه للحب الطبيعي اللي بيكون موجود بين التلميذ ومعلمه، فالمعلم قدوة، بيحب تلاميذه، والعلاقة بينهم تستاهل الحب والتقدير والاحترام... أو ممكن تكلمه عن الحب بينه وبين أصحابه، هو أكيد بيحبهم كلهم زي ما بيحب فلانه، والحب ده يقوي علاقة الصداقة اللي بينهم، وجميل إنه يحب زملائه أو أصحابه كلهم وإنه يجيب لهم الهدايا وأنه يعبر عن حبه لهم بالكلمات الطيبة وبالأفعال المناسبة، زي مثلا إنه يسأل عنهم لو غابوا، أو إنه يدافع عنهم، وأنه ينصحهم لو شافهم بيعملوا حاجه مش صح. ويبقى كمان رائع إننا نسأل ولادنا عن صفات الصديق الجيد وإننا نتكلم معاهم عن اختيار الصديق... احنا بنفترض دايما في أولادنا البراءة وحسن النية، وبنتجنب إننا نبالغ في ردود أفعالنا أو إننا ندي لكلامهم حجم أكبر من حجمه أو نفترض فيه إنه يتنافى مع اللي احنا عايزين نغرسه فيهم.
من فضلك، تجنب تماما أنك تقول لابنك أن الحب "عيب أو حرام"، ده مش مفيد على الإطلاق ويتنافى مع اللي احنا عايزين نوصله لولادنا عشان يقدروا يبنوا علاقات صحية في المستقبل. احنا بنتكلم مع ولادنا عن الحلال والحرام لكن بعد ما بنكون بنينا الأساس في علاقتهم مع ربنا سبحانه وتعالى وفي الأخلاق الكريمة. وبعدين احنا بنسمع كتير عن أزواج/زوجات مش بيعرفوا يعبروا عن مشاعرهم لأزواجهم أو حتى لأبنائهم. إضافة لكده، المشاعر في حد ذاتها لا غبار عليهم، ولكن الأفكار اللي بتصحب المشاعر، والسلوكيات التي تترتب على المشاعر والأفكار دي هي اللي احنا بنكون عايزين نُقومه.
طيب لو صمم إنه بيحبها حب من نوع تاني، ممكن ساعتها نتكلم معاه ونسأله بفضول هو يقصد ايه بالضبط، يمكن يكون ده بسبب تأثره مثلا بحدث زواج أحد أفراد العائلة، أو ممكن تكون الفكرة جت من ملاحظاته لكيفية سير الحياة. وبغض النظر عن مصدر الفكرة، ممكن تكون دي فرصة لسؤاله عن اللي هو فاهمه عن الحب، وعن معنى الحب ده، وعن الطرق المناسبه للتعبير عن الحب ده، وحنرشد الحوار للكلام عن الزواج وامتى ممكن يكون مستعد عشان يبقى مسؤول عن أسرة، وعن رعايتها بكل تفاصيلها، وعن المقومات اللي ممكن تخلي الأسرة ناجحة، وفي نهاية الكلام، عن التوقيت المناسب لإقامة الأسرة دي. الكلام بالشكل ده ممكن يبقى مناسب مع الأطفال عند سن٧ أو ٨، أما عند بلوغ سن المراهقة فطبيعي أن الكلام حياخذ سياقا أكثر عمقا بما يتلاءم مع المرحلة العمرية.
- "مدرسة ابني كلمتني وبيقولوا إن ابني (عنده ٧ سنين) اتفق مع أصحابه ونزلوا الشورت لولد معاهم في الفصل! أنا مصدومة، ومش عارفه أعمل ايه!"
مش قادره أعد المرات اللي سمعت فيها المشكلة دي من أطفال في السن ده. أنا طبعا متفهمه الصدمة اللي ممكن تيجي لما نسمع شكوى زي كده عن حد من ولادنا… لكن محتاجين نتعامل مع الموضوع بهدوء عشان مايكبرش بدون داعي وعشان الطفل ما يتماداش فيه.ودي بعض النصايح اللي بوصي بيها للتعامل مع الموضوع:
- أولا، محتاجين نعرف الإجراء اللي المدرسة أخدته. في الأول وفي الآخر المدرسة لازم تكون موفرة إشراف وحماية للأطفال في الأماكن المختلفة عشان ده ما يحصلش ولو حصل محتاجين نتأكد إنه فيه إجراء تم يمنع ده من إنه يحصل تاني. وعايزين كمان نتأكد إن المدرسة اتعاملت مع الموضوع بطريقة تربوية مع الأطفال.
- ثانيا، لما بيحصل سلوك شبه كده بيكون فيه مجموعة أسئلة محتاجين نسألهم للأم... هل دي أول مرة يحصل فيها سلوك من النوع ده؟ هل بتيجي شكاوي من المدرسة عن سلوكيات فيها عنف (غالبا الإجابة بتكون "نعم"). ايه الأخبار في البيت بشكل عام؟ هل فيه مشكلة معينة ممكن تكون موجوده؟ غياب الأب مثلا؟ أو خلافات بين الأب والأم؟ أو هل الطفل بيتعرض لانفعالات كتير وجايز للضرب في البيت؟ أخباره ايه في المدرسة؟ علاقته بالمدرسين وبزمايله في الفصل عامله ايه؟ هل فيه احتياج معين ممكن يكون مفتقده؟ من أمثلة الاحتياجات احتياجه للاهتمام من الأهل أو المدرسة، أو الاحتياج للأصدقاء اللي دفعه لتنفيذ كلامهم؟ أحيانا كتير لما بيصدر من طفل سلوك فيه تعدي على طفل تاني بالشكل كده، دي بتكون طريقة الطفل للتعبير عن احتياجاته المفتقده أو عن وجود مشكلة في حياته محتاجه حل ومحتاجه تدخل من متخصص.
- وبعدين، محتاجين نحاول نفهم الدافع من وراء السلوك ده بالذات من الطفل. هل كان هو صاحب الفكرة؟ يعني الفكرة في الأساس ممكن تكون جت من فين؟ هل ممكن يكون شاف حاجه مش مناسبه على التلفزيون أو الإنترنت؟ أم أنه مجرد فضول؟ عايزه أقولكم إن ساعات كتر الكلام عن المناطق الخاصة وكتر التحذير اللي بييجي من الأهل بنية كويسة بتكون نتيجته عكسية كده. في الآخر معرفة السبب أو الدافع وراء السلوك بيُمثل مِفتاح رئيسي للتعامل بشكل فعال مع المشكلة.
- بالإضافة لكل ده، مهم إننا نعرف إن الضمير في هذا السن بيكون لسه في طور التكون. ده معناه أنه ممكن يكون عارف الصح من الغلط لكن ضميره لا يملك القوة الكافية ليوقفه عن ارتكاب الخطأ.
- لو كان يعرف أن المدرسة تواصلت معاكِ، يبقى محتاجه تتكلمي بشكل مباشر في الموضوع. عشان الكلام يبقى مفيد افتكري إنك تتجنبي اتهامه أو تخويفه. انتي عايزه تكسبيه وتخليه يفتح قلبه عشان يتعلم منك. تجنبي كمان إنك تسأليه لو ده حصل ولا لأ أو إنك تبقي عايزاه يَعتَرِف... احنا مش عايزينه يكذب أو يحاول ينفي إنه حصل. قوليله ببساطه إن المدرسة كلمتك وإنك سمعتي إن حصل حاجه هناك وعايزه تعرفي رأيه فيها ايه؟ اسأليه لو دي كانت فكرته؟ ولا فكرة حد تاني؟ مش عايزين نخليه يقول على أسامي أصحابه عشان دي مش أخلاقنا، لكن بنحاول نفهم ايه اللي حصل... واسأليه هو كان بيفكر في ايه لما اتصرفوا كده؟ وهل هو يحب يكون مكان الولد التاني.
- لو هو مايعرفش إنك عرفتي ساعات بيكون من الحكمة إننا ما نعملش مواجهة، وإننا نعلمه الدرس بشكل غير مباشر ونتابع مع المدرسة. والدرس هنا فيه كذا جانب. محتاجين نكلمه عن الجسم وأعضاؤه المختلفة ووظائفهم، ونكمله عن المناطق الخاصة في جسمه، وضروري ضروري نتكلم معاه عن فكرة الضمير وإزاي إن هو الصوت اللي جوانا اللي بيفكرنا بالصح وبيحاول يوقفنا لو جينا نعمل حاجه غلط، وإزاي إننا محتاجين نسمع صوت ضميرنا... ومحتاج يعرف إنه لما نؤذي حد أخلاقنا وضميرنا بيملوا علينا إننا نعتذر له، ويعرف إن أحيانا الاعتذار بيكون مش كفايه وبنكون محتاجين نعوض الشخص اللي أذيناه جايز بإننا مثلا نساعده في حاجه أو حتى نجيب له هدية. ومحتاج يعرف إنه مافيهاش حاجه إننا نغلط طالما اتعلمنا من أخطاءنا، وماكررنهاش تاني. دي نقطه مهمة جدا عشان يقدر يفضل شايف نفسه إنه شخص صالح ومايحسش إنه بقى وحش فيغلط أكتر (self-fulfilling prophecy). ومحتاج يتعلم التعاطف، يعني إنه يشوف مشاعر الشخص اللي قدامه ويحس بيها، ده بيبدأ بإننا بنتعاطف معاه لما بيكون زعلان أو غضبان وإننا نتكلم معاه عن مشاعره. وأخيرا، محتاج يعرف إن لما زمايله يشجعوه على حاجه هو عارف إنها غلط، إنه يبقى عنده الشجاعة إنه يقول لهم "لا". على فكرة هو عشان يعرف يعمل كل ده، محتاج تبقى احتياجاته النفسية مشبعة، ويكون له مساحة للتعبير في البيت وينفع يقول "لا" في البيت من غير ما ده يوقعه في مشاكل. الدروس دي كلها محتاجه وقت عشان ياخدها لان جواها مهارات والمهارات بتحتاج فترة لاكتسابها وتعلمها.
- في الآخر بعد ما اتكلمنا معاه في كل ده، لو السلوك اتكرر، ممكن يبقى مفيد جدا إننا نطلب المساعدة من مختص.
أرجو إنكم تكونوا استفدتم من المقال... ابعتولي لو عندكم أسئلة أو تعليقات وافتكروا لايك وشير عشان توصلكم المقالات الجايه إن شاء الله. ☺
بقلم: مها عادل
مُؤسِسَة المُربي الواثِق
ميتا كوتش ومستشار تربوي
مقالات سابقة:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق