أصبحت التربية الجنسية من أكثر الموضوعات
الشائكة التي تقلق الأهل ليس فقط نتيجة لما نسمعه من حوادث وقصص، ولكن أيضا بسبب العالم المفتوح
الذي أصبحنا نعيش فيه. فشبكة
الإنترنت تتيح للأطفال كم هائل من المعلومات، منها الصحيح، ومنها الغير صحيح،
بالإضافة إلى كل ما يتعرض له أطفالنا في وسائل الإعلام من أفكار تثير تساؤلاتهم،
وتزيد من فرص تعرضهم لمفاهيم وقيم تتنافى مع مفاهيم وقيم ديننا ومجتمعنا... كما أن
الأطفال أنفسهم قد يتداولون تساؤلاتهم، والمعلومات التي لديهم، وبالطبع فليس كل ما
يتداولونه صحيحا... ولهذا أصبح لازما على الوالدين أن يثقفوا أنفسهم كي يستطيعوا
أن يقوموا بالدور المفروض عليهم من نقل المعلومات الصحيحة، وغرس للقيم والمفاهيم
السليمة في أطفالهم. ليس هذا فحسب، ولكن الوالدين أنفسهم قد يحتاجون للطمأنة،
ولإجابات شافية تجاه بعض سلوكيات الأبناء عبر مراحل العمر المختلفة والتي ترتبط
باستكشاف أعضاء أجسامهم، أو أدوارهم في المجتمع. لذا نخصص هذه المقالات لوضع
الخطوط العريضة والنقاط الرئيسية لما يحتاج الوالدين لمعرفته وكيفية الإجابة على
تساؤلات الأطفال الحرجة فيما يتعلق بالتربية الجنسية. وستأتي المقالات متتابعة
لتغطي كل مرحلة عمرية بسماتها، وتحدياتها، ونبدأ في هذا المقال بالسن الأصغر من
الميلاد وحتى عامين.
1)
الأطفال من
الميلاد وحتى العامين:
نبدأ
أولا بالسمات التي تخص التربية الجنسية لهذه لمرحلة السنية، فالدراية بطبيعة
المرحلة هام لنعلم ما الذي علينا أن نتوقعه، ونقبله بشكل عام.
السمات العامة للمرحلة:
- يحب الأطفال في هذه السن أن يستكشفوا أجسامهم بشكل
عام، فنرى الأطفال في الأشهر الأولى من عمرهم ينظرون إلى أيديهم، وأصابعهم،
وأرجلهم، ويتطور النظر إلى استكشاف ما يمكن لأيديهم القيام به من إمساك للأشياء
ونقل لها… وكما يستكشف الأطفال أجسادهم، فقد يقومون باستكشاف أعضائهم التناسلية.
- من الطبيعي أن يكون للبنات حديثي الولادة بعض
الإفرازات المهبلية.
- من الطبيعي أن يحدث انتصاب للعضو الذكري عند الأولاد.
- عند حوالي عامين قد يدرك الطفل الفرق بين الولد
والبنت من حيث الفروقات الجسدية.
بعد
أن تحدثنا عن السمات العامة للمرحلة العمرية من الميلاد وحتى سنتين، نستعرض بعدض المشاكل والتحديات التي قد تقابل الوالدين مع أطفالهم في هذه المرحلة عمرية، مع
حلول مقترحة لكل مشكلة...
المشكلات
والحلول:
-
"ابني عنده سنة ونص... وبقى كل شويه يقلع هدومه، ويجري في
البيت وهو عريان!"
الشكوى
بالأعلى تعد من الشكاوى المتكررة بخصوص الأطفال في هذه المرحلة العمرية. ولكنه من
الطبيعي جدا أن يحب الطفل أن يخلع ثيابه في هذه السن إذا تعلم ذلك... فخلع الثياب
قد يكون من المهارات الجديدة التي اكتسبها، والتي يحب أن يجربها. كما أنه لم يتكون
عنده مطلقا شعور كشعور الحياء الذي قد يجعله يمتنع عن الجري بدون ثيابه في المنزل
وحتى أمام الغرباء. ببساطة، هو يرى أن خلعه للثياب مماثلا تماما لتمكنه من المشي،
ويحب أن يعيد تجربته مرة تلو المرة، وأن يستعرض قدرته وتمكنه منه. ولإنهاء هذه
المشكلة، تعامل مع الأمر بهدوء وتقبُل، وحاول فقط أن تختار ملابس له لا يسهل عليه خلعها، وقد يؤدي هذا وحده الغرض،
وينهي المشكلة دون صراع. يمكنك أيضا أن تشبع رغبته في الاستعراض ولفت النتباه بأن تعلمه مهارات جديدة كمهارة تركيب قطع الpuzzle، أو أن تعلمه نشيد يغنيه أمامك، وأمام الضيوف... ولتقوم بتعزيز المهارة الجديدة، استخدم معه لغة التشجيع كثيرا عندما يمارسها. وهكذا، تكون قد استبدلت السلوك غير المرغوب فيه بسلوك إيجابي بديل.
-
"بدأت
ألاحظ إن ابني بيحط ايده في أماكن حساسه، وأوقات بيقعد على حرف الكنبة ويتحرك
لقدام ولورا! ومدرسته في الحضانة كمان بتقول إنه بيعمل كده هناك! أعمل معاه
ايه؟!"
قد
يفزع الوالدين كثيرا أن يروا طفلهم يحك أعضاؤه التناسلية أو أن يضع يده عندها، إلا
أن ذلك يعد من الأمور الطبيعية. فهذا اللمس أو الحك يندرج تحت
استكشاف الأطفال لأجسادهم تماما كما قد يثيرهم الفضول لاسكشاف الأذن أو الأنف...
صحيح أنه قد يشعر الطفل بمتعة ما عند حكه لأعضائه التناسلية تدفعه لتكرار الحك، وقد
يقوم بذلك بمعدل عال في هذه السن، ولكن هذا أيضا لا يدل على أن هناك ما يتوجب قلق
الأهل، فهو لا يدخل في إطار الممارسات الجنسية بمفهوم البالغين، كما أنه ليس مؤشرا
على أن الأمر سيتطور إلى مشكلة جنسية يعاني منها الطفل عندما يكبر. ونؤكد هنا على
أهمية التعامل الصحيح مع سلوكيات الطفل حتى يُكَون عن نفسه صورة ذاتية صحية، وحتى
نحافظ على علاقة معه أساسها الأمان والثقة لتُسهم السنين الأولى من عمره في بناء
شخصية سوية ومتزنة.
وللتعامل مع هذا الأمر يوصى بالآتي:
1)
تأكد من
أنه لا يعاني من التهابات، فقد يرجع الأمر في النهاية لسبب طبي يحتاج إلى علاج.
2)
تعامل مع
الأمر بهدوء... فالانفعال وردود الأفعال الزائدة قد تدفع فضول الطفل للمزيد من
الاستكشاف.
3)
تجنب تماما
عبارات التأنيب مثل «عيب كده!» أو «ده مكان مش نظيف، بلاش تمسكه!» فنحن لا نريد
الطفل أن يشعر بالخزي من جزء من جسمه، فالأعضاء التناسلية جزء هام من الجسم خلقها
الله سبحانه وتعالى لأداء وظيفة محددة، وربطها بمشاعر الخزي يؤذي الطفل وقد يسبب
له مشاكل عندما يكبر.
4)
لا تلجأ
أبدا إلى استخدام الضرب... فالضرب والعقاب البدني لن يعلمه بدائل لاستخدام يديه،
وقد يكون دافعا له لأن يضرب اخوته أو أقرانه.
5)
تجاهل
السلوك ولا تعلق على الأمر بشكل مباشر، ففي أوقات كثيرة قد يكون التجاهل وحده
كافيا لإنهاء المشكلة.
6)
لاحظ
الأوقات التي يقوم فيها الطفل بذلك... فقد تجد أن هذه العادة ترتبط بمشاهدته للتلفاز
مثلا، أو بجلوسه منفردا في غرفته، أو بوقت نومه. كلما استطعت أن تحدد الأوقات
المرتبطة بهذه العادة، كلما استطعت أن تفكر في طريقة لشغله، أو لإيجاد بدائل لها
لإيقافها.
7)
قم بإلهاء
طفلك… اشغل يديه بألعاب وبأنشطة حسية وشجعه على أن يستخدم يديه في التصفيق أو علمه
لعبة يحرك فيها أصابعه… فكلما انشغل كلما قلت فرص تذكره لهذه العادة.
تذكر دائما أن القضاء على عادة سيئة
لدى الأطفال يحتاج إلى مثابرة من الأهل، وانتظام وثبات في طريقة التعامل مع
السلوك، وتذكر أيضا أن اشباع احتياجات الطفل النفسية يأتي دائما على رأس قائمة
الأولويات قبل التعامل مع أي سلوك سلبي.
وبهذا يكون المقال الأول عن التربية
الجنسية قد انتهى... في انتظار أسئلتكم وتعليقاتكم... وترقبوا المقال الثاني
للتربية الجنسية من سن ٣ – ٤ سنوات.
مها عادل
مُؤسِسَة المُربي الواثِق
لايف كوتش وميتا كوتش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق