الأربعاء، 18 ديسمبر 2019

عن الأمومة والإحساس بالذنب 🤕


أعتقد لو عملنا استفتاء عشان نشوف عدد الأمهات اللي بيحسوا بالذنب من آن لآخر اتجاه ولادهم حنلاقي نسبة محترم جداً... ممكن يزورنا الإحساس بالذنب مثلا لما نقرأ بوست لطيف على الفيس بوك عن حاجة في التربية، أو عن الأكل الصحي، وأحيانا لو حد من ولادنا وقع في مشكلة، أو نحس بيه لو فيه سلوك معين مثلا متضايقين منه ومش عارفين نوقفه... وأوقات طبعا لما بنغلط وكلنا بنغلط طبعا... يعني فيه أسباب كتير ممكن تخلينا نحس بالذنب في أوقات مختلفة...
مشكلة الإحساس بالذنب إنه ممكن يبقى إحساس بيعطل أو حتى بيوقف... يعني أكنه بيحط ثقل يخلي صاحبه ماشي في الطريق بخطوات صعبة ومؤلمة... مثلا لو الإحساس بالذنب كان هو اللي بيصحيني من النوم عشان أعمل لانش بوكس صحي للولاد، الإحتمال كبير إني حقوم من النوم متعكننة ومزاجي مش معدول... لو هو اللي بيخليني أحايل وأحتوي في وقت... بعد شويه حبقى قابلة للانفجار في أقل موقف.
أصل الإحساس بالذنب مش بييجي لوحده كده وخلاص... لا ده بييجي مع حبايبه وأصحابه، التأنيب والبستفة واللوم وجلد الذات بييجوا معاه ومش بيسيبوه. 

طيب نعمل ايه مع الإحساس بالذنب؟
مبدأيا كل واحد فينا مختلف، والكلام الجاي بيفرق جدا من شخص لشخص...
ومبدأيا برده، الإحساس بالذنب ممكن يبقى هو صوت الضمير اللي جوانا اللي بيرشدنا في الطريق... عشان كده احنا مش عايزين نتخلص منه تماما... احنا بس عايزين نزبطه عشان يمشي في مسار صحي...
تعالوا نتفق إن ربنا سبحانه وتعالى حط جوانا المشاعر الغير مريحة عشان توصل لينا رسايل معينة... أحيانا لما بنقدر نقرأ الرسالة دي، بنقدر نتعامل مع الشعور وده ممكن يخلي حِدة الشعور ده وألمه يخف شوية... يعني الإحساس بالذنب مثلا ممكن يبقى عايز يوصل لصاحبه إنه محتاج يعمل حاجة بشكل مختلف، أو محتاج يبذل مجهود أكتر فيها، أو ممكن يكون ورا الإحساس بالذنب الإحساس الكبير بالحب اللي في قلوبنا اتجاه أولادنا اللي بيخلينا نشوف أي حاجة بنعملها علشانهم قليلة... كمان أحيانا، بيكون فيه جزء معين من الإحساس بالذنب بيخدمني... يعني مثلا الإحساس بالذنب هو اللي بيخليني أتحمل المسؤولية، أو جايز يكون بيخدم الperfectionist أو النثالية اللي جوايا...فأول سؤال محتاجه تسأليه لنفسك هو: يا ترى الإحساس بالذنب ده عايز يقولي ايه؟ وايه الجزء اللي فيه اللي ممكن يكون بيخدمني أو بيفدني؟
الperfectionism أو المثالية دي قصة لوحدها... لكن قراءة الرسالة والتعرف على الجزء اللي بيخدمني في الشعور بيكون مهم جدا. 
وبعدين بقى تعالوا نبص من قريب شويه... اسمعي كده نفسك ايه اللي بيدور جواكي لما تحسي بالذنب؟ معظم الوقت الكلام اللي بييجي مع الإحساس بالذنب بيقى كلام فيه تأنيب شديد وبستفه، والتأنيب والبستفة على قد ما بيوروا إن صاحبهم عنده قيم ومبادئ على قد ما بيخلوه تعبان... طيب نعمل ايه مع الكلام ده؟ 
أولا، محتاجين نتعلم شويه إننا نتقبل نفسنا، ونقبل إننا بشر بيغلط ومحتاج يغلط عشان يتعلم. التقبل ده في حد ذاته بيساعد على التعلم من تجارب الحياة ومن الأخطاء اللي هي جزء أصيل من التجربة الإنسانية. 
ثانيا، نتعلم نبدل التأنيب بحوار داخلي فيه تحمل للمسؤولية وتفكير في الحل... زي ما بالضبط بنحاول نعمل مع ولادنا ونختار كلامنا معاهم، محتاجين برده نتكلم مع نفسنا بلهجة فيها شوية طبطبة وحنية واحتواء... بتفرق أوي فعلا. 
ثالثا، ودي نقطة مهمة جدا... محتاجين نتعلم نشوف إنجازاتنا حتى لو صغيرة ونُقدرها ونشجع نفسنا عليها... ده عشان نقدر نكمل ونستمر في رحلة السعي والترقي بخفة وانطلاق. 
رابعا، أحيانا بيكون الإحساس بالذنب نتيجة فكرة في الأصل مش صحيحة... زي مثلا لما أم تقول لنفسها إن هي السبب في إن ابنها مش بياكل كويس أو إن بنتها ماعملتش حلو في الامتحان... جايز فيه جزء من المسؤولية هي فعلا محتاجة تتحمله، لكن مش كل المسؤولية عليها لوحدها. في الأغلب بيكون فيه أطراف تانيه ممكن تتحمل معاها أجزاء من المسؤولية ومفيد قوي إننا نبقى عارفين حدود مسؤولياتنا عشان نقدر نتحملها بشكل فعال. 
خامسا، الكلام اللي فوق ده بيحتاج ممارسة ومحاولة ومرة ممكن يشتغل ومرة تانية لأ... الفكرة كلها في إني أعرف مشاعري وإني فعلا أقدر أسمع وألاحظ الكلام اللي بيدور جوا نفسي.

ودمتم في عافية وراحة بال🌷
مها عادل
ميتا كوتش ومستشار تربوي

الثلاثاء، 26 فبراير 2019

التربية الجنسية ... خطوة بخطوة (٦)

البلوغ، وكيف نتحدث عنه مع أبنائنا؟

النهارده حنتكلم عن النقاط الأساسية اللي محتاجين نتكلم فيها مع ولادنا وبناتنا عشان نعرفهم عن البلوغ بشكل عام... المقالة مكتوبة في هيئة حوار مُبسط. ممكن نبقى محتاجين معلومات أكتر للتوضيح ولإجابة الأسئلة. خلينا نرجع لمصادر موثوقة تتوافق مع قيمنا ومع ديننا عشان نتأكد من تقديم إجابات صحيحة لأولادنا وبناتنا. امتى بالضبط نتكلم؟ كل ما بدأنا نتكلم بدري كل ما يكون أحسن... في الأغلب بننصح إننا نبدأ نتكلم معاهم عند سن ٨ سنين. ده بيكون سن مناسب عشان يبدأوا يسمعوا مننا قبل ما يسمعوا معلومات من أصحابهم في المدرسة ممكن تكون صح أو خطأ، طبعا ده في الآخر بيرجع لنضج الطفل وقدرته على الاستيعاب...  ممكن الحوار يتم بشكل تدريجي، يعني مش لازم المعلومات كلها تتقال في قاعده واحده، وممكن نقسمه على كذا مره. حسيبكم مع المقال، ولو عندكم أسئلة بعد قراءته ممكن تكتبوبها في التعليقات أو تبعتوها ويسعدني إني أجاوب عليها إن شاء الله. 

ما هو البلوغ؟
البلوغ هو التغيرات اللي بتحصلنا كجزء من النمو اللي بيخلي الإنسان ينتقل من كونه طفل لإنه يبقى شخص كبير. فيه في الجسم هرمونات ربنا -سبحانه وتعالى- خلاها هي المسؤولة إن التغيُّرات دي تبدأ تحصل.
التغيُّرات دي بتأثر على شكلنا، وعلى مشاعرنا، وبتأثر على تفكيرنا، وعلى علاقاتنا بالناس اللي حوالينا. فيه من التغيُّرات حاجات رائعة وبنكون مبسوطين إنها بتحصل ومستمتعين بيها، وفيه منها ممكن تكون غير مريحة أو مُحيرة... المهم إن التغيُّرات دي معناها إنك بتكبر، وكونك بتكبر فدي حاجة جميلة تستاهل إننا نُقدرها ونحتفل بيها ونشكر عليها ربنا -سبحانه وتعالى-. J
كل شخص بيمر بالتغيُّرات دي في فترة من حياته، ووقت بداية حدوث التغيُّرات وطريقتها المحددة بتفرق من حد للتاني... ده معناه إنه مافيش داعي أبدا لإنك تقارن نفسك بحد تاني، انت بتكبر بطريقتك الخاصة وفي معادك اللي ربنا -سبحانه وتعالى- حدده ليك.

للبنات:
البلوغ ممكن يحصل من بين سن ٩ لـ ١٦ سنة وله علامات كتير... منها (بالترتيب):
-    الشعر: بيدأ الشعر ينمو في مناطق من الجسم زي منطقة العانة وتحت الإبطين، وممكن تلاحظي شعر أكتر في الذراعين والساقين. 
-    الجلد: ممكن الجلد وخصوصا في الوجه يبقى دهني أكتر، وجايز تطلع بعض البثور (حَب الشباب). ممكن تستشيري طبيب للتعامل مع الحبوب وللعناية ببشرتك.
-    التعرق: ممكن تلاقي إن جسمك بيعرق أكتر، وممكن العرق يبقى له رائحة أكتر. 
-    الصوت: الصوت نبرته بتتغير وبيبقى أرفع.
-    الثدي: يمكن تحسي بألم بسيط عند صدرك، وممكن يبدأ الألم في ناحية واحدة ويكون معاه كتلة صغيرة، ممكن كمان يكون أحد الثديين أكبر من التاني. كل ده عادي جدًّا ويعتبر جزء من النمو الطبيعي للجسم.
-    تغيُّرات في الجسم: ممكن تلاقي إن طولك زاد، وممكن مناطق من الجسم تكبر أسرع أو وزنها يزيد شويه، زي الزراعين والأرجل والأرداف، والوسط بيبقى أرفع. وكوني متأكدة إن انتي جميلة في كل أحوالك.
-    الحيض، أو الدورة الشهرية: من أكتر العلامات اللي بتأكد إنك كبرتي إن الدورة الشهرية تبدأ تيجي، ودي حاجة جميلة تستاهل الاحتفال Jمعناها إن جسمك بيستعد لإنك تقدري تبقى أم. الدورة الشهرية بتحصل لإن الجسم بينتج بويضة تقريبا كل ٢٨ يوم والبويضة مش بيحصلها التخصيب اللي بيكون جنين، فالجسم بيتخلص منها، وبالتالي بينزل معاها دم بسيط لعدة أيام. فترة نزول الدم ممكن تكون من ٣ أيام ل١٥ يوم، والفترة بتختلف من بنت لبنت. ممكن يطمنك إن يكون معاكي فوط صحية في شنطتك عشان وقت ما تحتاجي. حصول الدورة الشهرية بالشكل ده آية من آيات ربنا -سبحانه وتعالى. ممكن في البداية الدورة تكون مش منتظمة... يعني ممكن تيجي بدري أو تتأخر. المتوقع إنها تبدأ تنتظم خلال سنة من بدايتها.

للأولاد:
            عند الأولاد، البلوغ ممكن يحصل من بين سن ١١ لـ ١٦ سنة وله علامات كتير... منها:
-    تغيُّرات في الجسم: ممكن تلاقيإن جسمك كبر فجأة. طولك ووزنك ممكن يزيدوا، عضلاتك تكبر وتبقى أقوى، وكتفك يبقى أعرض. العضو الذكري (القضيب) ممكن كمان حجمه يكبر، وممكن يحصله انتصاب بمعدل أكتر.
-    الصوت: الصوت بيبقى أعمق وأقوى.
-    الشعر: بيبدأ الشعر ينمو في مناطق من الجسم. حتلاقى شنبك ودقنك بدأوا يطولوا، وفيه شعر بيطلع في منطقة العانة وتحت الإبطين، وجايز في الصدر (مش كل الأولاد بيكبر عندهم شعر الصدر). وممكن تلاحظ إن بقى فيه شعر أكتر في الذراعين والساقين. 
-    الجلد: الجلد وخصوصا في الوجه بيبقى دهني أكتر، وجايز تطلع بعض البثور (حَب الشباب). ممكن تستشير طبيب للتعامل مع الحبوب وللعناية ببشرتك.
-    التعرُّق: ممكن تلاقي إن جسمك بيعرق أكتر، وممكن العرق يبقى له رائحة أكتر.
-    الثدي: فيه أولاد بيحصل عندهم نمو في الثدي أثناء فترة البلوغ. دي حاجة مش بتحصل للكل، لكن بتحصل عند البعض ومش محتاج تقلق منها. في خلال شهور حيرجع الثدي لحجمه الطبيعي.
-    الاحتلام: ده أكبر علامة على إنك بلغت وإن جسمك بيكبر بالشكل الصحيح، وإنك تقدر تبقى أب. الاحتلام بيحصل بإن السائل المنوي بيخرج بشكل غير إرادي شبه المياه اللي بتخرج من أبريق الشاي مع ارتفاع الحرارة. وده ممكن يحصل وانت نايم وتصحى تلاقيه (الأحلام الليلية)، وده طبيعي جدًّا، وممكن يحصل كل فتره بين خمسة أيام لعشرين يوم. ولما يحصل، فده معناه إنك بلغت.

أمور مشتركة بين الأولاد والبنات:
-    في أثناء نمو الجسم، ممكن تلاقي نفسك حاسس بإجهاد، أو شد في عضلات جسمك معاه إحساس بالألم. وجايز تلاقي إنك بقيت تحتاج عدد ساعات نوم أطول ممكن يوصلوا لـ ١٢ ساعة، أو تحس بخمول، كل ده طبيعي جدًّا.
-    في أثناء نمو الجسم، جايز يحصل عدم تناسق شويه في الشكل. أحيانا كمان ده بيسبب عدم اتزان في الحركة، ممكن مثلا تلاقي نفسك بتتكعبل أكتر وانت ماشي، أو تلاقي حاجة بتقع منك، كل ده برده طبيعي، ومش محتاج إنك تقلق، وكل ما تكبر كل ما جسمَك أو جسمِك حيبقوا أكثر اتساقا، وحتقدر توازن حركتك.
-    ممكن أوقات تحس بتقلبات مزاجية. يعني مثلا تبقى فرحان ومتحمس أوي، أو يبقى فيه أوقات تحس فيها بحزن أو غضب. أوقات ده بيكون بسبب تغيُّرات الهرمونات في الجسم. مهم إنك تبقى فاهم مشاعرك وقادر تعبر عنها بشكل صحي. حاول تتواصل مع والديك بمشاعرك، وممكن تطلب منهم المساعدة أو تلجأ لمتخصص لو فيه مشاعر مش قادر تتعامل معاها لوحدك.
-    ممارسة الرياضة بانتظام مع الأكل الصحي مهمين جدًّا في أثناء النمو، حيساعدوك جامد في ضبط درجة نشاطك وانفعالاتك. 
-    ممكن تلاقي إنك بقيت مهتم أكتر بمظهرك، وبرأي الناس عنه. افتكر دايما إن تميزك في إنك تختار المظهر اللي انت عايزه لنفسك واللي يتوافق مع رضا ربنا -سبحانه وتعالى- اللي خلقك وأنعم عليك، ويتوافق مع القيم والأخلاق اللي انت مقتنع بيهم.
-    أحيانا البنات بتحس بخجل لما جسمها بيكبر، الخجل ده جاي من الفطرة اللي ربنا -سبحانه وتعالى- حطها جوانا عشان تفكرنا بأخلاق حلوة زي الحياء والعفة، وخليكي فاكرة دايمًا إن انتي أنثى جميلة ومميزة، وإن كل حاجه فيكي جميلة ومميزة، ومافيش حاجة في نموك تستدعي إنك تخجلي منها.
-    الأولاد ربنا -سبحانه وتعالى- ادالهم قوة في جسمهم وفي عضلاتهم. قوتك استعملها في مكانها الصح، واستعملها في الخير.
-    الولاد والبنات محتاجين يفهموا التغيُّرات اللي بتحصل عند بعض، وده عشان يحترموا مشاعر بعض، ومافيش داعي إطلاقًا إن حد منهم يسخر من التاني.
-    طبيعي كمان إن يبقى فيه ميل للجنس التاني (البنات للولاد، والعكس). مافيش مشكلة لو حسيت/حسيتي بمشاعر تجاه حد. دي فطرة ربنا -سبحانه وتعالى- حطها جوانا لأنه عايزنا نُكوِّن أسر فيها حب ومودة ورحمة، والمشاعر دي هي البداية. المشاعر اللي بتحس بيها في الفترة دي ممكن تتغير كتير، وخليك فاكر وخليكي فاكرة إن فيه وقت مناسب للتعبير عن المشاعر ولوضعها في مكانها الصحيح، ومهم إننا نحافظ على مشاعر بعض.
-    الاحتلام عند الأولاد والدورة الشهرية عند البنات معناهم البلوغ من الناحية الشرعية، يعني إن ربنا -سبحانه وتعالى- عارف إن انت وصلت لدرجة من النضج تخليك تبقى مكلف، ومحاسب. قبل البلوغ كل أعمالك الطيبة بتتحسب ليك حسنات، ومن بعد البلوغ، السيئات كمان بتتحسب... خليك دايما فاكر حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اتَّقِ اللهَ حيثُ كنتَ، وأتبِعِ السيئةَ الحسنةَ؛ تَمْحُهَا، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ»، رواه الإمام أحمد والترمذي، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نَفْسي بيده! لو لم تُخطِئوا؛ لجاء الله -عز وجل- بقوم يُخطئون ثم يستغفرون فيُغفر لهم».
-    الاحتلام والدورة الشهرية يستوجبوا الغسل، وليهم أحكام لازم تبقى عارفها كويس، ولو محتاج مساعدة في ده، ممكن تتناقش فيها مع أحد المشايخ، أو مع والديك.

مصدر هام:
دليل الآباء في التربية الجنسية للأبناء
لد. فايزة الشاملي، د. أحمد أبو سعد، تقديم د. صلاح الراشد


بقلم: مها عادل
مُؤسِسَة المُربي الواثِق
ميتا كوتش ومستشار تربوي



الأحد، 17 فبراير 2019

التربية الجنسية ... خطوة بخطوة (٥)

الأطفال من ٦ - ٩ سنوات (الجزء الثاني)

اتكلمنا في المقال اللي فات عن أهم السمات الخاصة بالتربية الجنسية للأطفال من ٦ لـ ٩ سنوات، وحنتكلم في المقال ده عن بعض المشاكلات اللي ممكن تواجه الأهل وحلول مقترحة لكل مشكلة، ولكن قبل ما نبدأ كلامنا عن المشكلات والحلول، نحب إننا نؤكد على حاجه مهمة جدا، وهي إن اللي احنا عايزين نحققه من زيادة الوعي بالتربية الجنسية هو في الأساس جزء من التربية الكاملة، فلو عايز/عايزة أولادك يستفيدوا من كل اللي اتكلمنا عنه في المقالات اللي فاتت، وأن يكون له أثر في حياتهم، ولو عايز تحافظ على أولادك من مختلف المخاطر فتأكد من إنك تسعى لتربيتهم عشان يكونوا ناس أسوياء نفسيا، كل واحد منهم شايف نفسه إنسان صالح يستحق أنه يعيش حياة كريمة طيبة، وعنده قيم وأخلاق وقدرة على تقييم الأمور زي ما عنده المهارات اللي محتاجها عشان يبني علاقات صحية مع الآخرين، وعشان يدافع عن حقوقه وقت ما يحتاج. الوصول لده محتاج وعي من جانب الأهل ومحتاج  إننا نكون بنعرف نسيب مساحة لأولادنا إنهم يغلطوا ويتعلموا من أخطائهم وهم متأكدون من حبنا غير المشروط ومن دعمنا المستمر ليهم. 

أسئلة وإجابات:
-       ابني عنده ٧ سنين بيحب زميلته (أو مدرسته) وعايز يكتب لها جواب ويجيب لها هدية. أعمل ايه؟
الحقيقة أنه مافيش مشكلة حد من ولادنا يحس بمشاعره كده… يعني أنا متفهمه إن ده ممكن يسبب بعض القلق والحيرة لإننا غالبا مش بنكون متوقعين ده من ولادنا وهم لسه صغيرين كده، واحتمال يكون القلق ناتج عن الخلفية المتحفظة لطبيعة معظم أسرنا، أو يكون القلق باتجاه رد فعل المحيطين سواء أهل البنت مثلا أو المدرسة، في كل الأحوال، ما فيش مشكلة فعلا، بالعكس، تعبير ابنك/ابنتك عن مشاعره معاك/معاكي بالأريحية دي يدل على علاقة جميلة محتاجين نحافظ عليها. 
احنا عارفين إنه بالفعل ممكن يحصل إنه طفل مشاعره تتحرك في السن ده اتجاه طفلة أو العكس، أو ممكن تكون الفكرة خطرت على ذهنه كنوع من التقليد للكبار أو محاولة للعب الأدوار المتوقعة منه في المستقبل. 
خلينا نتفق إن اللي احنا عايزينه هو إننا نعلم ولادنا وبناتنا عشان يبقوا أسوياء قادرين على إنشاء أسر على المودة والرحمة، وعندهم القدرة على إعطاء الحب واستقباله وقادرين كمان على استشعار قيمة الحب وأهميته في الترابط والدفء والأنس اللي بيديهم لحياتنا والرغبة في العطاء والتضحية عشان اللي بنحبهم. كما عايزين نؤكد لولادنا إن فيه مساحة من الأمان تسمح ليهم إنهم يشاركونا أفكارهم ومشاعرهم من غير خوف من انتقاد أو تصغير لشأنهم. كل الرسائل دي احنا بنسعى إننا نوصلها لهم من خلال حواراتنا في المواقف الحياتية المختلفة. حنتكلم معاهم كمان عن قيمة العفة بس الكلام ده إن شاء الله لما يكبروا شويه عشان يقدروا يستوعبوا الكلام. لو عرفت عن ابنك أو هو قالك إنه بيحب مُدرستهه أو زميلته في الفصل فتجنب تماما إنكار مشاعره أو التريقه عليه... اسمعه بجدية وبعدين وجه كلامه للحب الطبيعي اللي بيكون موجود بين التلميذ ومعلمه، فالمعلم قدوة، بيحب تلاميذه، والعلاقة بينهم تستاهل الحب والتقدير والاحترام... أو ممكن تكلمه عن الحب بينه وبين أصحابه، هو أكيد بيحبهم كلهم زي ما بيحب فلانه، والحب ده يقوي علاقة الصداقة اللي بينهم، وجميل إنه يحب زملائه أو أصحابه كلهم وإنه يجيب لهم الهدايا وأنه يعبر عن حبه لهم بالكلمات الطيبة وبالأفعال المناسبة، زي مثلا إنه يسأل عنهم لو غابوا، أو إنه يدافع عنهم، وأنه ينصحهم لو شافهم بيعملوا حاجه مش صح. ويبقى كمان رائع إننا نسأل ولادنا عن صفات الصديق الجيد وإننا نتكلم معاهم عن اختيار الصديق... احنا بنفترض دايما في أولادنا البراءة وحسن النية، وبنتجنب إننا نبالغ في ردود أفعالنا أو إننا ندي لكلامهم حجم أكبر من حجمه أو نفترض فيه إنه يتنافى مع اللي احنا عايزين نغرسه فيهم.
من فضلك، تجنب تماما أنك تقول لابنك أن الحب "عيب أو حرام"، ده مش مفيد على الإطلاق ويتنافى مع اللي احنا عايزين نوصله لولادنا عشان يقدروا يبنوا علاقات صحية في المستقبل. احنا بنتكلم مع ولادنا عن الحلال والحرام لكن بعد ما بنكون بنينا الأساس في علاقتهم مع ربنا سبحانه وتعالى وفي الأخلاق الكريمة. وبعدين احنا بنسمع كتير عن أزواج/زوجات مش بيعرفوا يعبروا عن مشاعرهم لأزواجهم أو حتى لأبنائهم. إضافة لكده، المشاعر في حد ذاتها لا غبار عليهم، ولكن الأفكار اللي بتصحب المشاعر، والسلوكيات التي تترتب على المشاعر والأفكار دي هي اللي احنا بنكون عايزين نُقومه.
طيب لو صمم إنه بيحبها حب من نوع تاني، ممكن ساعتها نتكلم معاه ونسأله بفضول هو يقصد ايه بالضبط، يمكن يكون ده بسبب تأثره مثلا بحدث زواج أحد أفراد العائلة، أو ممكن تكون الفكرة جت من ملاحظاته لكيفية سير الحياة. وبغض النظر عن مصدر الفكرة، ممكن تكون دي فرصة لسؤاله عن اللي هو فاهمه عن الحب، وعن معنى الحب ده، وعن الطرق المناسبه للتعبير عن الحب ده، وحنرشد الحوار للكلام عن الزواج وامتى ممكن يكون مستعد عشان يبقى مسؤول عن أسرة، وعن رعايتها بكل تفاصيلها، وعن المقومات اللي  ممكن تخلي الأسرة ناجحة، وفي نهاية الكلام، عن التوقيت المناسب لإقامة الأسرة دي. الكلام بالشكل ده ممكن يبقى مناسب مع الأطفال عند سن٧ أو ٨، أما عند بلوغ سن المراهقة فطبيعي أن الكلام حياخذ سياقا أكثر عمقا بما يتلاءم مع المرحلة العمرية.

-      "مدرسة ابني كلمتني وبيقولوا إن ابني (عنده ٧ سنين) اتفق مع أصحابه ونزلوا الشورت لولد معاهم في الفصل! أنا مصدومة، ومش عارفه أعمل ايه!"
مش قادره أعد المرات اللي سمعت فيها المشكلة دي من أطفال في السن ده. أنا طبعا متفهمه الصدمة اللي ممكن تيجي لما نسمع شكوى زي كده عن حد من ولادنا… لكن محتاجين نتعامل مع الموضوع بهدوء عشان مايكبرش بدون داعي وعشان الطفل ما يتماداش فيه.ودي بعض النصايح اللي بوصي بيها للتعامل مع الموضوع:
-       أولا، محتاجين نعرف الإجراء اللي المدرسة أخدته. في الأول وفي الآخر المدرسة لازم تكون موفرة إشراف وحماية للأطفال في الأماكن المختلفة عشان ده ما يحصلش ولو حصل محتاجين نتأكد إنه فيه إجراء تم يمنع ده من إنه يحصل تاني. وعايزين كمان نتأكد إن المدرسة اتعاملت مع الموضوع بطريقة تربوية مع الأطفال.
-      ثانيا، لما بيحصل سلوك شبه كده بيكون فيه مجموعة أسئلة محتاجين نسألهم للأم... هل دي أول مرة يحصل فيها سلوك من النوع ده؟ هل بتيجي شكاوي من المدرسة عن سلوكيات فيها عنف (غالبا الإجابة بتكون "نعم"). ايه الأخبار في البيت بشكل عام؟ هل فيه مشكلة معينة ممكن تكون موجوده؟ غياب الأب مثلا؟ أو خلافات بين الأب والأم؟ أو هل الطفل بيتعرض لانفعالات كتير وجايز للضرب في البيت؟ أخباره ايه في المدرسة؟ علاقته بالمدرسين وبزمايله في الفصل عامله ايه؟ هل فيه احتياج معين ممكن يكون مفتقده؟ من أمثلة الاحتياجات احتياجه للاهتمام من الأهل أو المدرسة، أو الاحتياج للأصدقاء اللي دفعه لتنفيذ كلامهم؟ أحيانا كتير لما بيصدر من طفل سلوك فيه تعدي على طفل تاني بالشكل كده، دي بتكون طريقة الطفل للتعبير عن احتياجاته المفتقده أو عن وجود مشكلة في حياته محتاجه حل ومحتاجه تدخل من متخصص.
-       وبعدين، محتاجين نحاول نفهم الدافع من وراء السلوك ده بالذات من الطفل. هل كان هو صاحب الفكرة؟ يعني الفكرة في الأساس ممكن تكون جت من فين؟ هل ممكن يكون شاف حاجه مش مناسبه على التلفزيون أو الإنترنت؟ أم أنه مجرد فضول؟ عايزه أقولكم إن ساعات كتر الكلام عن المناطق الخاصة وكتر التحذير اللي بييجي من الأهل بنية كويسة بتكون نتيجته عكسية كده. في الآخر معرفة السبب أو الدافع وراء السلوك بيُمثل مِفتاح رئيسي للتعامل بشكل فعال مع المشكلة.
-       بالإضافة لكل ده، مهم إننا نعرف إن الضمير في هذا السن بيكون لسه في طور التكون. ده معناه أنه ممكن يكون عارف الصح من الغلط لكن ضميره لا يملك القوة الكافية ليوقفه عن ارتكاب الخطأ. 
-       لو كان يعرف أن المدرسة تواصلت معاكِ، يبقى محتاجه تتكلمي بشكل مباشر في الموضوع. عشان الكلام يبقى مفيد افتكري إنك تتجنبي اتهامه أو تخويفه. انتي عايزه تكسبيه وتخليه يفتح قلبه عشان يتعلم منك. تجنبي كمان إنك تسأليه لو ده حصل ولا لأ أو إنك تبقي عايزاه يَعتَرِف... احنا مش عايزينه يكذب أو يحاول ينفي إنه حصل. قوليله ببساطه إن المدرسة كلمتك وإنك سمعتي إن حصل حاجه هناك وعايزه تعرفي رأيه فيها ايه؟ اسأليه لو دي كانت فكرته؟ ولا فكرة حد تاني؟ مش عايزين نخليه يقول على أسامي أصحابه عشان دي مش أخلاقنا، لكن بنحاول نفهم ايه اللي حصل... واسأليه هو كان بيفكر في ايه لما اتصرفوا كده؟ وهل هو يحب يكون مكان الولد التاني.
-       لو هو مايعرفش إنك عرفتي ساعات بيكون من الحكمة إننا ما نعملش مواجهة، وإننا نعلمه الدرس بشكل غير مباشر ونتابع مع المدرسة. والدرس هنا فيه كذا جانب. محتاجين نكلمه عن الجسم وأعضاؤه المختلفة ووظائفهم، ونكمله عن المناطق الخاصة في جسمه، وضروري ضروري نتكلم معاه عن فكرة الضمير وإزاي إن هو الصوت اللي جوانا اللي بيفكرنا بالصح وبيحاول يوقفنا لو جينا نعمل حاجه غلط، وإزاي إننا محتاجين نسمع صوت ضميرنا... ومحتاج يعرف إنه لما نؤذي حد أخلاقنا وضميرنا بيملوا علينا إننا نعتذر له، ويعرف إن أحيانا الاعتذار بيكون مش كفايه وبنكون محتاجين نعوض الشخص اللي أذيناه جايز بإننا مثلا نساعده في حاجه أو حتى نجيب له هدية. ومحتاج يعرف إنه مافيهاش حاجه إننا نغلط طالما اتعلمنا من أخطاءنا، وماكررنهاش تاني. دي نقطه مهمة جدا عشان يقدر يفضل شايف نفسه إنه شخص صالح ومايحسش إنه بقى وحش فيغلط أكتر (self-fulfilling prophecy). ومحتاج يتعلم التعاطف، يعني إنه يشوف مشاعر الشخص اللي قدامه ويحس بيها، ده بيبدأ بإننا بنتعاطف معاه لما بيكون زعلان أو غضبان وإننا نتكلم معاه عن مشاعره. وأخيرا، محتاج يعرف إن لما زمايله يشجعوه على حاجه هو عارف إنها غلط، إنه يبقى عنده الشجاعة إنه يقول لهم "لا". على فكرة هو عشان يعرف يعمل كل ده، محتاج تبقى احتياجاته النفسية مشبعة، ويكون له مساحة للتعبير في البيت وينفع يقول "لا" في البيت من غير ما ده يوقعه في مشاكل. الدروس دي كلها محتاجه وقت عشان ياخدها لان جواها مهارات والمهارات بتحتاج فترة لاكتسابها وتعلمها.
-       في الآخر بعد ما اتكلمنا معاه في كل ده، لو السلوك اتكرر، ممكن يبقى مفيد جدا إننا نطلب المساعدة من مختص. 

أرجو إنكم تكونوا استفدتم من المقال... ابعتولي لو عندكم أسئلة أو تعليقات وافتكروا لايك وشير عشان توصلكم المقالات الجايه إن شاء الله. 

بقلم: مها عادل
مُؤسِسَة المُربي الواثِق
ميتا كوتش ومستشار تربوي



مقالات سابقة: