نؤكد في البداية على أن حماية الطفل في السنين
الأولى من عمره تقع تماما على والديه، وعلى ألا يتركوه تحت رعاية أحد لا يثقون فيه
ثقة تامة... وكلما كبر أطفالنا فإننا نهتم بأن نثقفهم بالمعلومات التي تتناسب مع
أعمارهم، وأن نعلمهم مهارات تجعلهم قادرين على الدفاع عن أنفسهم، وعلى حفظ
خصوصياتهم، وعلى قيامهم باختيارات سلوكية متزنة وسوية. ورغم أن احتياج الأطفال
للحماية يقل تدريجيا كلما كبروا، ولكنه لا ينعدم طوال سنين طفولتهم. وبالطبع،
فإننا نؤكد على الاتزان في توفير الحماية، وألا تكون الحماية سببا لأن نحرم
أطفالنا من دروس الحياة الهامة. وتظل علاقة الثقة والأمان التي نبنيها معهم صمام
أمان يحفظهم ويحميهم، إلى جانب ما نعلمه لهم من مهارات، وما نغرسه فيهم من أخلاق وقيم.
وكما تحدثنا في المقال السابق عن أهم النقاط
والأسئلة التي تخص التربية الجنسية للأطفال من الميلاد وحتى عامين، نتحدث الآن عن أهم
ما يخص التربية الجنسية للأطفال من سن ٣ لـ ٤ سنوات.
الأطفال من ٣ - ٤ سنوات
تُمثل هذه السنة مرحلة هامة في حياة الأطفال يحدث لهم
فيها تطور كبير في قدرتهم على التعبير عن أنفسهم، وفي مهاراتهم العقلية،
والاجتماعية... ويصاحب هذا التطور أيضا المزيد من الرغبة في استكشاف هويتهم،
ودورهم في الحياة... وتأتي هنا أهمية التربية الجنسية والدراية بما يخصها.
السمات العامة للمرحلة:
- يحدد الأطفال في هذه السن هويتهم الجنسية، بمعنى كونه
ولد، أو كونها بنت، وما الذي يعنيه ذلك، وقد يحاول الأطفال في هذه السن أيضا أن يفهموا
الأدوار المختلفة التي يقوم بها كلا الجنسين، ويبدؤون بناء على ذلك في توقع وتحديد الأدوار التي سيقومون بها في المستقبل... كما يبدؤون بالتصنيف (ولد - بنت).
فمثلا قد يقرر الطفل أن الأولاد فقط هم من
يقودون السيارة لأنه يرى والده يقوم بذلك، في حين أن البنت هي من تقوم بإعداد
الطعام... ولهذا يلعب كلا الأب والأم وما يقدمونه من قدوة لأولادهم دورا هاما في
تشكيل قرارات الطفل عن نفسه وعن الدور الذي يريد أن يقوم به في المستقبل. ومن الصحي والمفيد أن نشجع
أولادنا وبناتنا على رؤية تنوع في نوعية الأدوار التي يستطيعون القيام بها بما
يتوافق مع قيم ديننا ومجتمعنا...
- قد يفكر الأطفال أن تغيير مظهرهم سيحولهم إلى الجنس
الآخر... فمثلا إذا أطال الولد شعره وارتدى فستانا فإنه قد يظن أنه سيصبح بنتا... والعكس،
قد تقرر البنت أنه يجب ألا ترتدي بنطالا مطلقا لأن هذا سيحولها إلى ولد.
- لا يجد الأولاد والبنات في هذه السن مشكلة من أن
يلعبوا معا... إضافة إلى أننا قد نرى كثيرا من الأولاد يفضلون اللعب مع البنات على
اللعب مع الصبيان – أو العكس. وقد يكون هذا لأن الولد محاط ببنات في محيط العائلة
فهو معتاد عليه، وقد يجد مثلاً أن لعب الأولاد عنيفا عليه بعض الشيء، ولذلك يفضل
اللعب مع البنات على اللعب مع الأولاد في المدرسة أو الحضانة.
- يحب الأطفال في هذه السن أن يُقلدوا الآخرين، وتتميز
هذه المرحلة السنية كذلك بالخيال الخصب، ولذا فمن الهام جدا أن نحرص على ما يتعرض
له الطفل في البيئة المحيطة به، وما يشاهده من أفلام الكرتون ألا يرى شيئا لا داعي
له قد يُثير اهتمامه، فالوقاية دائما خير من العلاج.
توصية هامة:
- يكون
الأطفال في هذه السن قد تدربوا على استخدام التواليت... ونحتاج أن نعلمهم مهارات
للعناية بنظافتهم الشخصية، وأن نولي هذا اهتماما ومتابعة. ومن الهام أيضا أن
نعلمهم عادات للحفاظ على خصوصيتهم، كأن نعلمهم إغلاق باب الحمام عند الدخول، وألا
يدخل مع صديقه مثلا، أو مع أحد إخوته... ومن الهام أن نقوم بتعليمهم هذا بهدوء دون
انفعال. وإذا كان قد بدأ بالذهاب إلى الحضانة، فعلينا أن نتأكد من أن الحضانة التي
يذهب إليها تراعي معايير معينة وقت استخدام الأطفال للحمامات، منها الحفاظ على
خصوصية الأطفال في أن يكون هناك ساتر للطفل وقت استخدام الحمام، وألا يقوموا
بإدخال أكثر من طفل في وقت واحد، وأن المسؤولة عن مساعدة الأطفال تقوم بتنظيفهم
بالماء والمناديل دون استخدام يدها بشكل مباشر على بشرة الطفل. وبالطبع فيجب علينا
دائما ألا نترك الأطفال مع أحد لا نثق فيه، وفي رقابته على الأطفال بشكل عام، وفي
أسلوب تعامله معهم.
مشكلات وحلول:
من أكثر ما
يقلق الأهل في هذه السن أن يرو ابنهم أو ابنتهم يقومون بلعب أدوار الجنس الآخر،
فمثلا، إذا أراد الولد أن يرتدي اللون الوردي أو أن يلعب بالعرائس، أو إذا رغب في
استعمال أدوات التجميل التي قد يرى أمه وأخواته يستعملنها... والعكس للبنت، إن
أرادت أن تلعب بالسيارات، أو كرة القدم، أو بالمسدسات. لا يجب أن يسبب هذا قلقا
للأهل، فهو يدخل في إطار استكشاف الهوية الجنسية... كما أنهم يحبون اللعب
التمثيلي، ويحبون أيضا تقليد الآخرين، ويعد كلا من اللعب التمثيلي والتقليد من
الأدوات الأساسية التي يستكشف بها الطفل العالم من حوله، ومن الصحي والمفيد أن
نفسح لهم المجال للعب التمثيلي، وأن نهيأ الفرص له في بيئة صحية وآمنة. وعلينا أن نتجنب تماما
أن نعيب على الطفل اختياره في اللعب أو في الألوان، أو أن نُسمعه جمل مثلا «أنت
كده بتعمل زي البنات!» فطالما أننا أفسحنا له الحرية لإشباع فضوله لتجربة دور ما
دون ضغط أو إلحاح عليه ليقوم بدور آخر، فسينتقل بطريقة طبيعية إلى تبني الدور الذي
خلقه الله له سواء كان ولدا أو بنتا.
إجابات للأسئلة الشهيرة للأطفال:
يبدأ
الأطفال في هذه السن في طرح الأسئلة على والديهم... ويدل هذا على التطور والنمو
الذي يحدث في أدمغتهم، غير أنهم يحتاجون فقط إلى إجابات بسيطة تشبع فضولهم دون
الدخول في تفاصيل معقدة... وإجابتك على أسئلتهم في هذه السن هامة لدعم العلاقة
بينكم، ولتضمن أن يأتوا إليك بأسئلتهم الحرجة بدلا من أن يبحثوا للإجابات بعيدا
عنك. حاول أثناء إجابتك على أسئلتهم أن تتحرى الدقة في الإجابة، وأن تبسط لهم
المعلومة، وإن كنت غير متأكد من إجابة السؤال، فلا مشكلة من أن تخبر طفلك أنك
ستبحث عن الإجابة وتعود إليه بها، وتذكر أن تحدد له الوقت الذي ستعود إليه فيه
بالإجابة، وتأكد من أن تجيبه بالفعل حتى لا تفقد جزء من ثقته فيك.
• "أنا جيت من
فين؟"
جيت من
مكان مخصوص جدا اسمه «الرحم» بيكون جوه ماما… ربنا سبحانه وتعالى خلقك في رحم ماما
وكنت نقطة صغيرة خالص… النقطة دي اسمها «جنين» وبعدين فضلت تاكل وتكبر وانت جوه…
فاكر لما حطينا مع بعض البذرة بتاعة الوردة، وفضلنا نسقيها كل يوم لحد ما بقت تكبر
شوية بشوية وبقت وردة جميلة؟ أنت كمان كنت نقطة صغيرة أوي وفضلت تكبر شويه شويه. وأنا
(ماما) كنت مبسوطه أوي وأنت جوايا، وكنت بدعي يا رب تكبر وأشوفك وأحضنك… وكنت بخلي
بالي إني آكل أكل صحي ومغذي عشان أنت كمان تاكل أكل صحي ومغذي، وبعدين كنت بجهز
الحاجات بتاعتك، السرير واللبس، والحاجات اللي حتحتاجها لما تيجي…
•
"إزاي طلعت من بطن ماما؟!"
الجنين بيفضل في بطن مامته حوالي ٩ شهور… طول
الشهور دي بيكون بيتغذا عشان يكبر… وأما يكون مستعد ربنا سبحانه وتعالى بيخلي ماما
تعرف، والدكتور بيساعدها عشان يطلع الجنين في المستشفى... ولما جيت أنا وبابا
واخواتك، وكلنا كنا فرحانين أوي… ايه رأيك تيجي نتفرج على صورك وانت صغير؟
عادة ما تشبع الإجابات بالأعلى فضول
الأطفال من سن الثالثة للرابعة، وقد نحب أن ندعم الإجابات بالقصص المصورة. أما
بالنسبة لأسئلة السن الأكبر والتي قد تكون أكثر عمقا، فنجيب عليها في المقالات
القادمة بإذن الله.
نرجو أن تكونوا قد استفدتم من المقال، وإذا كانت لديكم المزيد من الأسئلة والاستفسارات أرسلوها إلي أو اكتبوها في التعليقات ويسعدني أن نجاوب عليها.
مها عادل
نرجو أن تكونوا قد استفدتم من المقال، وإذا كانت لديكم المزيد من الأسئلة والاستفسارات أرسلوها إلي أو اكتبوها في التعليقات ويسعدني أن نجاوب عليها.
مها عادل
مُؤسِسَة المُربي الواثِق
ميتا كوتش ومستشار تربوي